اختر صفحة

كيف فعّلت الإمارات قوانينها في مكافحة غسل الأموال

لا شيء يجعل الاقتصاد العالمي يبدو قلقاً جداً أكثر من تنامي ظاهرة غسل الأموال، إذ أن جريمة غسل الأموال جريمة مركبة تنطوي بداخلها على جرائم عديدة، لا يتعلق خطرها على الاقتصاد فحسب بل يجرف سيلها في طريقه كل شيء تقريباً.

في هذا المقال سنبدأ بتناول ظاهرة غسل الأموال وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة هذه الظاهرة العالمية والتشريعات القانونية

من أين جاء مصطلح غسل الأموال

(غسل الأموال) المعروف بـ (Money laundering) وقد تجده أحياناً بمُسمّى (تبييض الأموال) وكلاهما يحملان ذات المفهوم ويشتركان في أنهما يمثلان العمليات غير القانونية في تحويل الأموال الكبيرة المتحصلة بطُرقٍ غير مشروعة وتنطوي على عمليات إجرامية لجعلها تبدو أموال مشروعة عن طريق دمج هذه الأموال بحيث يتم تداولها في الأنشطة التجارية المشروعة، ومن ثم غسلها وتبيضها وبالتالي إخفاء مصادرها الأصلية بما يضمن انسياب تلك الأموال المستمر.

غسل الأموال ظاهرة عالمية 

غسل الأموال من الجرائم التي يُعاقب عليها القانون الدولي، بسبب تأثيرها السلبيّ على الاقتصاد الخاصّ بالدّول، لأنها تقوم على التمويه والإخفاء المتعمد للهوية المالية لتلك العائدات غير المشروعة، وهي في أغلب الأحوال ترتبط بجرائم أخرى ولها صلات وثيقة بتجارة المخدرات، وتمويل الإرهاب، وتجارة البشر، والسطو المسلح، والتزوير المالي وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاسات، لذا هي الظاهرة الأخطر والأشمل التي تجتاح العالم كله.

كيف استفاد غاسلو الأموال من التكنولوجيا المالية 

تشاركت عدة عوامل أدت إلى تسارع نمو هذا النوع من جرائم غسل الأموال، أبرزها ما شهده العالم من تطور تقني وتكنولوجي في مجال التحويلات المالية خاصة وأن هناك بعض المؤسّسات التي تساهم في تسهيل هذا النوع من عمليات غسل الأموال وتوفر لها الغطاء الشرعي والقانوني داخل الأنظمة المالية التي تعمل بها

بالتأكيد هذا يساعد في إضفاء الشرعية المزيفة لهذه الأموال، وبالتالي تحويل الأموال المغسولة إلى أموال نظيفة وهو ما يضر بالاقتصاد العالي ويعجل الأنشطة المتعلقة بها في ازدياد.

ساعد انتشار وسائل الاتصال التكنولوجية في جعل التواصل بين جريمة غسل الأموال وما يتعلق بها من أنشطة سهلاً متاحاً، وفي أغلب الأحوال يسعى غاسلو الأموال إلى استعمال هذه الوسائل لزيادة التمويه والتخفي والتحايل على الأجهزة الرقابية المالية الحكومية

حجم انتشار الظاهرة عالمياً

أظهرت الدراسات المالية في الإطار القانوني التي قام بها قسم الإحصائيات التابع لصندوق النقد الدولي أن حجم التداول العالمي في تجارة غسل الأموال يتراوح حالياً ما بين (مليار) دولار في حده الأدنى، و(تريليون ونصف التريليون) دولار.

لذا فقد سعت كثير من دول العالم  إلى مُكافحة ظاهرة غسل الأموال ووجدت أن التعاون فيما بينها يساعد كثيراً في التقليل من حجمها ، لذلك أنشئت أغلب هذه الدول وحدات متخصصة في القضايا الجنائية المالية ، وقامت بإصدار قوانين خاصّة بعقوباتِ جريمة غسل الأموال، يطلق عليه قانون مكافحة غسل الأموال يفرض رقابة  مالية صارمة على الأموال المنقولة، والمودعة، وأموال الاستثمار، ومراقبة المصادر المالية.

تشريعات مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب الدولية

 في ديسمبر من العام 1988 شهدت العاصمة النمساوية فينا اجتماعاً للأمم المتحدة دعا للتنسيق والمكافحة ودعم التعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال ودعا إلى وضع صك لوصف العلاج الناجع لمشكلة الجرائم المرتبطة بغسل الأموال والعائدات المتعلقة من هذه الجريمة، وطالب الدول بتجريم غسل الأموال واعتبار كل ما يتعلق بها جرماً قانونياً جنائياً

وفي العام 2001 عقب أحداث سبتمبر اعتمد مجلس أمن الأمم المتحدة القرار (١٣٧٣) وأنشئ بمقتضاه ما سميت بلجنة مكافحة الإرهاب، وأسندت إليها مهمة حث الدول على منع تمويل الإرهاب والأعمال مجهولة المصادر واستخدام تدابير قانونية وتشريعية لتجريم ومكافحة غسل الأموال لارتباطها بعملية تمويل الإرهاب.

ثم تواصلت الجهود الدولية عبر الحملة الدولية لمكافحة غسل الأموال (F.A.T.F ) التي تتبع للدول الصناعية السبع بهدف التعاون الدولي بشأن مكافحة جريمة غسل الأموال .

دولة الإمارات وتشريعات مكافحة غسل الأموال

أصدرت دولة الإمارات قانون العقوبات للعام 1987 متضمناً العقوبات ذات الطابع الاحتيالي المالي وأجرت عليه تعديلات لاحقة، ومن ثم أصدرت في العام 2002، التشريع القانوني الجزائي الذي جرّم عملية غسل الأموال، وقامت بإجراء تعديل على التشريع في عام 2014 والتشريعات القانونية اللاحقة

ووفقاً لما نص عليه القانون الإماراتي المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 بشأن جرائم غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتمويل التنظيمات غير المشروعة، فإن الشخص يعد مجرماً مرتكباً لجريمة غسل الأموال في نظر القانون الإماراتي إذا كان عالماً وعارفاً بمصدراً غير شرعياً لأموال متحصلة من جناية أو جنحة وقام بموجب هذه المعرفة متعمداً بتحويل المتحصلات المالية، أو نقلها وتحميلها.

كما يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من أجرى ما ينتج عنه من عمل بقصد إخفاء مصدر تلك الأموال أو التمويه المتعمد لمصدرها غير المشروع، أو قام بما يحول دون ظهور مصدر الأموال بالتمويه المتعمد، أو مكانها أو طريقة حيازتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، أو حاز واكتسب، أو تسلم أموالاً مجهولة المصدر، أو ساعد مرتكب الجريمة ومهد له سبل الإفلات من العقوبة.

جهود تشريعية متواصلة 

تواصلت الجهود الإماراتية في مسالة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حيث قامت في عام 2018 بإلغاء القانون الاتحادي رقم (4) لسنة 2002 وتعديلاته.، وأصدرت المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 او ما يعرف بـ(قانون مكافحة غسل الأموال) المختص بمواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.

إجراءات موحدة 

وحّدت دولة الإمارات العربية المتحدة إجراءاتها في كل ما يخص مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك عبر التطبيق الموحد لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في كل الدولة وعلى نطاق المناطق التجارية والمالية الحرة (CFZs ) وFFZs) ) بموجب قانون مكافحة غسل الأموال وقرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2019 ولائحته الاتحادية رقم (20) لسنة 2018 (اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال).

تعرف علي خدمات مكافحة غسل الأموال من باركر راسل

تابعنا علي مواقع التواصل الإجتماعي